خاص هيئة علماء فلسطين

         

بسم الله الرحمن الرحيم

{قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} التوبة: 14

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدّين وبعد:

فقد حاول الكيان الصّهيونيّ اختبار صمود وإرادة شعبنا الفلسطيني من خلال عدوانٍ جديدٍ، فكان مجاهدونا الأبطال لهم بالمرصاد، يبادلون القصف بالقصف، ويذودون عن الحرمات، ويلجئون العدوّ الصّهيونيّ إلى استجداء التهدئة صاغرًا؛ لتكون الكلمة في الجولات مع العدوّ لشعبنا الأبيّ الذي يراهن العدوُّ وعملاؤه على تعبه وإحباطه، فخابوا وخسروا، وإنَّنا في هيئة علماء فلسطين في الخارج نؤكّد على الآتي:

أوّلًا: نتوجّه بالتهنئة إلى أبناء شعبنا الفلسطينيّ في غزة العزّة وفي فلسطين كلّها وفي مخيمات اللجوء وإلى أبناء أمتنا الإسلاميّة بانتصار المجاهدين الأبطال من فصائل المقاومة في هذه الجولة من معركتنا المستمرّة مع عدوّنا الصّهيونيّ إلى أن تتحرّر الأرض والمقدّسات وينجلي الاحتلال، “وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ” الرّوم: 4-5

ثانيًا: نؤكّد من جديدٍ وباستمرار بأنّ دواء هذا الكيان السرطانيّ هو الجهاد في سبيل الله تعالى والمقاومة حتى استئصاله، وما سوى ذلك من مسارات التسوية ما هي إلّا سرابٌ بقيعةٍ يحسبه الجاهلُ ماءً، فالعدوان والاحتلال دواؤه الجهاد في سبيل الله تعالى، وقد صدق أبو تمّام:

وما هوَ إلا الوحيُ أو حدُّ مرهفٍ     تُمِيلُ ظُباهُ  أَخدَعَيْ  كُل  مَائِلِ

فهــذا دواءُ الداءِ  من كـــلِّ عــــــَــــالمٍ     وهَذا دَواءُ الدَّاءِ مِنْ كُل جَاهِلِ

ثالثًا: إنَّ أهل غزّة اليوم يمثّلون تلك القلّة المؤمنة التي كانت مع طالوت فأبت أن تشرب من نهر الغواية والتنسيق الأمني، ولم ترضع إلّا حليبًا حلالًا طيّبًا مباركًا، وهي تمثّل اليوم الطائفة الثابتة المنصورة التي قال فيها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلاّ ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك”، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس” ممّا يوجب على الأمّة كلّها اليوم الالتفاف حولها وحمايتها من كيد العدوّ ومكر العميل، ودعمها بالإمكانات كلّها؛ لتستمرّ في دربها حتى بلوغ النّصر المنشود بإذن الله تعالى.

رابعًا: لقد استطاعت المقاومة أن تحقّق معادلة الرّدع مع عدوٍّ غاشمٍ ظالمٍ مدجّجٍ بالسّلاح، وهي معادلةٌ ملهمة لكلّ الأحرار في العالم، ولئن كان أهلنا في غزّة يألمون فإنّ عدوّنا يألم بأشدّ ممّا يألم أهلنا، وأهلنا يرجون من الله ما لا يرتجيه العدوّ الجبان، قال تعالى: “وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا” النساء: 104

خامسًا: إنَّ الأمّة الإسلاميّة اليوم لا يمكن أن تبقى صامتةً على ما يجري في قلبها النّابض في فلسطين وفي الشّام ومصر والعراق واليمن، فلا بدّ لعلماء الأمّة من موقف عزٍّ وشرفٍ وتوعيةٍ للأمّة، وريادة وقيادة لشعوبها، تبلغ به سفينتهم شواطئ العزّ والفخار، وإنّ المسؤوليّة الكبرى تقع على الحكّام الذين لم يعودوا حماةً لها بل غدوا جيوبًا تؤتى الأمّة من قِبَلها وتُختَرق من خلالها.

سادسًا: ندعو مجاهدينا الأبطال إلى أن يتنبّهوا إلى خطورة الوسطاء ويأخذوا حذرهم من الكيد الذي يدبّر لهم ممّن يحاول الادّعاء بأنّه العضد الحقيقي والنّاصح الأمين، فأكثر هؤلاء ينطبق عليهم قول الله تعالى: “وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ” البقرة: 14

سابعًا: بكلّ ما في قلوبنا ونفوسنا من إجلال نحيّي أهلنا الثابتين الصّامدين في غزّة العزّة، ومجاهدينا الأبطال القابضين على الزّناد، المتيقّظين لكلّ حركات الصّهاينة وعملائهم، وتقبّل الله شهداءنا الأبرار وشفى الجرحى، وما هو إلّا الفجر بعد هذا الليل، وما هو إلّا النّصر بإذن الله تعالى.

والحمد لله رب العالمين

هيئة علماء فلسطين في الخارج

                                                                                                  28/ذو القعدة/1439هـ

                                                                                                       10/8/2018م