خاص هيئة علماء فلسطين

         

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: “وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن ‏يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ ‏فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ‏وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” ‏البقرة: 217‏

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن ‏تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين؛ وبعد:‏

فإنَّ قضيّة الأمّة في فلسطين تمرّ الآن بمرحلة مفصليّة من أخطر المراحل في ‏تاريخها على الإطلاق، وذلك بعد إعلان رئيس الإدارة الأمريكيّة عن المؤامرة ‏الكبرى على فلسطين والأمّة الإسلاميّة المسماة “صفقة القرن”، هذه المؤامرة التي ‏تهدف إلى تصفية قضيّة فلسطين وإعادة تشكيل المنطقة بما ينسجم مع مصالح ‏العدوّ الصّهيونيّ وهيمنته.‏

وإنّنا في هيئة علماء فلسطين في الخارج أمام هذه المؤامرة الخطيرة نؤكّد على الآتي:‏

أولًا: تؤكّد الهيئة بأنّ هذه المؤامرة ليست صفقة بل هي إملاءاتٌ ظالمة غاشمة من ‏قوى الظّلم والعدوان والاحتلال، وهي تجديدٌ للحرب المعلنة على الأمة منذ أكثر ‏من مئة عام، ‏بل هي حرب صريحة على الإسلام والمسلمين الذين وصمهم ترامب بالإرهاب في افتتاح كلمته.

ثانيًا: تؤكّد الهيئة مجددًا على أنَّ قضيّة فلسطين والقدس ليست قضية ‏الفلسطينيين وحدهم، بل هي ميراث محمّد صلى الله عليه وسلّم للأمّة جمعاء، ‏وهذه المؤامرة تستهدف الأمّة جمعاء، وهي عدوان على كلّ المسلمين في العالم، بل ‏على كلّ الأحرار الواقفين مع العدل في مواجهة الظلم والعدوان، وهذا يحمّل ‏الأمة جمعاء المسؤوليّة الشرعيّة لإسقاط هذه المؤامرة.‏ قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ ‏إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا ‏قَلِيلٌ” التوبة: 38‏

ثالثًا: تطالب الهيئة السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس ومؤسساتها كلّها ‏بالالتحام الفوريّ مع الشّعب وجميع الفصائل في خندق المقاومة لمواجهة هذه ‏الصفقة المؤامرة، والإيقاف الفعليّ لأيّ نوع من أنواع التواصل مع الكيان ‏الصّهيونيّ والإدارة الأمريكيّة، وتثمّن الدّعوات إلى اللقاءات الجامعة لكلّ فصائل ‏شعبنا الفلسطينيّ التي دعت لها السلطة وفصائل المقاومة على حد سواء، وتدعو إلى الاستجابة لها وتفعيلها، كما تطالب الهيئة السلطة بإطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية؛ فهي رأس الحربة في إفشال هذه المؤامرة الخطيرة. قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم ‏بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ ‏رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ ‏وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ” ‏الممتحنة: 1‏

رابعًا: تعلن الهيئة بكلّ وضوح بأنَّ أيّ شخصٍ أو كيانٍ أو نظام سياسيّ يوافق ‏على صفقة القرن فإنّه خائن لله ورسوله وعامّة المسلمين، ومفرّط بمقدّسات ‏المسلمين، وعلى شعوب الأمّة أن تفضحه وتعرّيه.‏ قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ ‏بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى ‏الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ ‏أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ” ‏المائدة: 51_52‏

خامسًا: تدعو الهيئة أبناء شعبنا الفلسطيني _لا سيما في القدس والضفة الغربيّة_ إلى ‏النفير العام والنزول في مظاهرات حاشدة رفضًا لهذه المؤامرة والاعتصام في ‏باحات المسجد الأقصى المبارك.‏

سادسًا: تدعو الهيئة مؤسّسات علماء الأمّة إلى الاجتماع العاجل من أجل ‏البحث في آليّات عمليّة لمواجهة هذه المؤامرة، وتدعو العلماء على مستوى ‏الأفراد والمؤسسات إلى التحرّك بكلّ طاقتهم على مستوى الشّعوب والمؤسسات ‏الرسمية دون خوف ولا وجل؛ فإنّ القدس والأقصى أغلى من الأرواح. قال تعالى: “الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ ‏بِاللَّهِ حَسِيبًا” الأحزاب:39‏

سابعًا: تعلن الهيئة أن يوم الجمعة القادم هو جمعة الغضب، وتدعو الخطباء في ‏عموم العالم الإسلاميّ إلى أن تهتزّ منابرهم غضبًا لأجل القدس والأقصى ‏وفلسطين وفضحًا لهذه المؤامرة الكبيرة التي تستهدف الأمة في وجودها.

ثامنًا: تدعو الهيئة شعوب أمتنا الإسلاميّة للنزول إلى الساحات والميادين في ‏جمعة الغضب غضبًا للقدس والأقصى، ورفضًا لهذه المؤامرة، والاعتصام أمام ‏السفارات الأمريكيّة في العواصم التي يتاح فيها ذلك.‏ قال تعالى: “انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ ‏خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” التوبة:41‏

ستفشل هذه الصفقة المؤامرة، وسيسقط مشروع ترامب، وسترفرف رايات النصر المبين فوق قرى فلسطين وعلى قباب المسجد الأقصى بإذن الله تعالى ثم بسواعد المجاهدين وشعوب أمتنا الإسلامية جمعاء، وما ذلك على الله بعزيز.

                                                                                                                                                             هيئة علماء فلسطين في الخارج

                                                                                      2/جمادى الآخرة/1441هـ    28/1/2020م