خاص هيئة علماء فلسطين

         

د. حافظ الكرمي

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فإنَّ الحديثَ عن شخصية علمائية كشخصية أ.د. عبد المعز حريز – رحمه الله – حديثٌ ذو شجون… تضيق معه مساحةُ اللغة، وتفقد الكلماتُ قدرتَها على التعبير، ويتولّى دمعُ العين عن القلبِ تقديمَ الإجابات …. وبخاصة عندما يكونُ الرّحيلُ رحيلًا يُحدِثُ في الإسلامِ ثلمةً بغياب قامةٍ سامقةٍ في ميادين العلم والعمل.

الولادة والنشأة:

ولد أ.د. عبد المعز حريز في فلسطين الحبيبة في مدينة الخليل في بداية عام 1954م…. المدينة التي بناها إبراهيم الخليل – عليه السلام – ومنذ ذاك التاريخ وهي تقف شامخة تَحِنُّ الى جذعها، وتقاوم الغرباء المحتلين كل يوم فتجدد العهد على أمل فجر حرية جديد في أرضٍ ما خضعت يوما لظالم…. ولا طأطأت لطاغية، في ربوعها أمضى طفولته اليانعة حتى أنهى الصف الأول الابتدائي في المدرسة الإبراهيمية في الخليل متشربا حب أرضها وترابها وقدسها وأقصاها، ومن ثم هاجر مع عائلته الى مدينة الزرقاء في الأردن ككثير ممن شُردوا من وطنهم من أبناء شعبه …  وفي مدارسها الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدرستي القاسم والثورة العربية الكبرى ترعرع، ومن نبعها الصافي ارتوى، وبين جنباتها وأزقتها دَرَج، وفي رحاب مساجدها تربي كشاب نشأ على طاعة الله وحب العلم الشرعي منذ الصغر، تزوج الدكتور عبد المعز – رحمه الله – مبكرا، وأسس مع زوجته الفاضلة (أم أنس) أسرة مسلمة متماسكة (كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه) فرُزق خمسٌ من البنات واثنان من الأولاد أنهوْا جميعا دراستهم الجامعية العالية في تخصصات علمية مختلفة.

كما أنه اشتهر – عليه رحمة الله – ببرِهِ الشديد بوالدية – رحمهما الله تعالى- حيث كان يعمل أثناء فراغه من الدراسة والتدريس مع والده في متجره في صناعة الحقائب الجلدية خياطة وقصا وبيعا عونا للأسرة في كسب رزقها الحلال وتَعلُّم صنعةٍ يحبها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.

دراسته وتخصصه ومؤلفاته:

التحق أ.د. عبد المعز بكلية الشريعة في الجامعة الأردنية عام 1971م فدرس علم الشريعة وتخصص في مرحلة البكالوريوس بتخصص (شريعة عام)، وبعد ذلك أكمل دراسته العليا لدرجتي الماجستير والدكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض متخصصا في علم أصول الفقه وفروعه المختلفة هذا العلم الدقيق الذي برعَ فيه وأصبح علما من أعلامه دراسةً، وتدريساً، وبحثا، وتأليفا.

لقد قدَّم أ.د. عبد المعز  (أبو أنس ) – رحمه الله – أطروحته  لنيل درجة الماجستير  في أصول الفقه بعنوان ( مفهوم المخالفة وأثرة على الأحكام الشرعية ) كما اختار كتاب الإمام الرازي ( المنتخب من المحصول في أصول الفقه- دراسة وتحقيقا)ليكون أطروحته لنيل درجة الدكتوراه ، كما ألَّف ونشر  حوالي سبعة عشر بحثا مُحّكَّما في مسائل فقهية وشرعية أصولية مختلفة  ، وقد لفت نظري  – وأنا أتفحص بحوثه الأصولية القيّمة – اهتمامه بالتأصيل الشرعي لقضايا حياتية معاصرة لما في ذلك من فائدة وتأصيل للواقع إذ ينبغي على الفقيه أن  يعيش زمانه، وألا  يغرق في تفاصيل مسائل وقضايا  نظرية بحتة لا يترتبُ عليها عمل ، ولذلك قدَّم بحثه القيم ( دفع التعارض الظاهري بين النصوص المتعلقة بالعمل الطبي ) من أجل التيسير في المسائل المُحْدَثَة في القضايا الطبية المعاصرة ،  وكذلك بحثه بالاشتراك مع مؤلفين آخرين  في مجال التمويل الإسلامي والمُعَنون بـ ( التمويل الإسلامي – الماهية والخصائص المعيارية ) ،  والذي يعالج جانبا هاما في مسالة التمويل المعاصر من وجهة نظر إسلامية  .

كما شارك – رحمه الله – في تأليف مجموعة من الكتب المنهجية بالاشتراك مع أساتذة أخرين مثل (كتاب في أصول الفقه) و(كتاب في العقيدة)، و(كتاب في الفقه)، و(كتاب في سيرة العلماء والأبطال) وبذلك عمَّ علمه كافة فروع الشريعة والثقافة الإسلامية العامة.

  خبرته العلمية والعملية والأكاديمية:

تنوعت خبرة أ.د. عبد المعز – رحمه الله – العلمية والعملية  في جوانب عديدة حيث عمله الأكاديمي في جامعات عريقة في الأردن وقطر والسعودية فدرَّس في جامعة البترول والمعادن ، وكذلك في كلية البنات في جدة في المملكة العربية السعودية  في عقد الثمانينيات من القرن الماضي ، وفي عام 1990م استقر  به المقام محاضرا  في كلية الشريعة بالجامعة الأردنية ، وبقي فيها مدرسا ومحاضرا وأستاذا جامعيا حتى وفاته – رحمه الله – انتقل  خلالها  –  كأستاذ زائر  – للتدريس  في جامعة قطر منذ عام 2005 م وحتى عام 2010 م  ، فتخرج من على يديه عدد كبير من طلاب  وطالبات العلم في هذه الجامعات المختلفة، وأشرف وناقش عشرات الأطروحات لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه في مجال أصول الفقه، مما جعله بحق عالماً مميزاً في هذا المجال ،وواحداً من ألمع وأميز علماء الأردن وفلسطين في أصول الفقه ، كما شارك – رحمه الله- في العديد من المؤتمرات واللجان  العلمية المتعلقة  بهذا العلم  بمجمع الفقه الإسلامي  والمعهد العالمي للفكر الإسلامي والجامعات العربية  المختلفة والإتحاد العالمي لعلماء المسلمين وغيرها .

كما شارك – رحمه الله – في عدد كبير من البرامج التلفزيونية على قنوات الجزيرة وقطر والقدس والحوار   وبخاصة برامج هيئة علماء فلسطين التلفزيونية على قناة القدس كبرنامج (فلسطين في الكتاب والسنة) وبرنامج الفتاوى ( للسائلين) وغيرها، كما تميز – رحمه الله – بإعداد البرامج والمناهج الخاصة بالمرأة والأسرة المسلمة لما لذلك -حسب رأيه- من أهمية في الحفاظ على المجتمع وتماسكه وقوة بنيانه.

مواقفه ونشاطه الدعوي والفكري:

كان أ.د. عبد المعز – رحمه الله – نشطا في مجال الدعوة الإسلامية والعمل الحركي الإسلامي والدعوي في مجالات كثيرة، وكان صاحبَ ريادةٍ وسبقٍ في خدمة قضايا الأمة، ‏كما وقفَ نفسَه على خدمة قضيّة فلسطين المباركة علما وعملا دؤوبا في كل المجالات خدمة ًللقدس والأقصى وقضيتهما.

كما كان حريصا جدا – رحمه الله – على عدم الإسراع في الفتوى، ويطلب دائما أن يسمع السؤال من صاحبه مباشرة حتى يُعطي الفتوى الدقيقة للمُستفتي وحاجته، كدأب سلف الأمة من العلماء الأخيار، كما أنه كان يشجع أصحاب السعة والبذل على دعم طلبة العلم المحتاجين وبخاصة أولئك المتميزين منهم وأصحاب الخلق والدين والهمة العالية.

لم تكن مواقفه الثابتة تجاه قضيته فلسطين أمرا جديدا، بل هي معلمٌ آخر من معالم حياته الحافلة بالتضحية والعطاء والالتزام، فقد ذكرت إحدى شقيقاته كيف أنه غضب غضبا شديدا عندما علم بزيارتها الأراضي المحتلة بعد أن حصلت على تأشيرة من سفارة الاحتلال وقال لها مستنكرا (حررتيها) كما أنه كان صارما ضد أي تصرف يُمكن أن يُفْهمُ على أنه تطبيعٌ ومهادنة مع هذا الاحتلال حتى ولو أدى الى عدم زيارة الأهل في فلسطين المحتلة إذا كان ذلك يتطلب طلب تأشيرة مرور من سفارة الاحتلال في عمان. 

لقد نمَّى في أولاده كذلك حب الأرض وحب فلسطين ومن أقواله – رحمه الله  – عن قضية فلسطين: (قضية فلسطين قضية حضارية شرعية فكرية عقائدية، ولسيت هي قضية طين ولا هي أرض كأي ارض، ولذلك فهذا البعد الشرعي (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ….) هو الذي يجمع الناس في سورة الإسراء، ويجعلهم يتقربون إليه بهذا الدين ابتداء من قراءة الآية فيأخذوا الأجر، وانتهاء بالمحافظة عليها والدفاع عنها…..).

كان – رحمه الله – شديد البرِّ بوالديه وطاعتهم، وكان يقول لأولاده ويوجههم (برُ الوالدين أن تطيع والديك في ترك ما طلبوه منك حتى ولو كان مباحا…، وليس فقط طاعتهم بما هو فرض عليك من الله تعالى، فالطاعة هذه طاعة عرجاء). كما غرس في أبنائه حب القران الكريم ولغته فكان يكره أشد الكره أن يقوم أحد أولاده بإدخال أي كلمة من اللغة الإنجليزية في كلامه أثناء الحديث افتخار اً واعتزازا بلغة القرآن كما أنه لا يجامل أبدا في الأحكام الشرعية الحلال والحرام والمكروه ويردد دائما (يا أبنائي أستطيع ا ن أعطيكم أموالا … ومن ثم تذهبون وتعملون عملا لا ينفع، وليس في مصلحتك ومصلحة دينك …. فلا داعي أن أفعل ذلك إذا كانت هذه هي النتيجة ….)

دوره في هيئة علماء فلسطين:

كان من ثماره المباركة – رحمه الله –  المشاركة الفاعلة في تأسيس هيئة علماء فلسطين  إذ تنادى هو وثلةٌ من إخوانه العلماء  لتأسيس جسم علمائي نقابي يُعَبِّر عن علماء فلسطين في الخارج ويرشِّد مواقفهم، ويوحِّد جهودهم ،ويُفَعّل دورهم تجاه قضيتهم المركزية ،وقضايا الأمة المختلفة ، فكان أحد أهم أعضاء اللجنة التحضيرية التي أعدَّت وحضَّرت وواصلت العمل منذ اللحظة  الأولى لتأسيس الهيئة ‏حتى غدت  الهيئة مؤسسة  كبيرة رائدة  تضم المئات من علماء وعالمات الشريعة من أبناء فلسطين، وأمست – بفضل الله تعالى- شجرة باسقة وارفة الظلال متعددة الفعاليات والأنشطة والمنتديات والبرامج  تجمع علماء الشريعة من أبناء فلسطين تحت مظلة واحدة لخدمة القضية الفلسطينية ، وتُحَشِّد طاقاتهم لنصرتها ، وتُأصِل مسائلها الشرعية المختلفة بطريق علمي منهجي واضح، ولم يكتفِ – رحمه الله – بذلك بل كان دائم الحضور في نشاطاتها ومؤتمراتها ومجالسها ومنتدياتها  فهو عضو  رئيس في مجلسها الاستشاري المُوجِه لها  ولسياساتها وتوجهاتها والمصوب لفعالياتها، كما كان دائم  التواصل مع الهيئة ومكتبها التنفيذي  وأقسامها المختلفة …يسدد  خطاها ويُرَشِّد مسيرتها … ويصوِّب طريقها ، وإذا ما  رأى رأيا  أو نصيحة بادر – رحمه الله – بالنصح  والتوجيه، بل والمشاركة  الفاعلة  في لجانها العلمية وأقسامها المختلفة .

وفاته ورثاؤه:

في يوم الثلاثاء  الثالث عشر من شهر تموز عام م2021 م الموافق للثالث من شهر ذي الحجة عام 1442ه  ترجلَ الفارس بعد صراع قصير مع سرطان الدماغ الذي لم يمهله إلا بضعة اشهر انتقل على اثرها الى الرفيق الأعلى – رحمه الله –  فنعت هيئة علماء فلسطين أحد أبرز  رموزها ، وجاء في بيان النعي “هيئة علماء فلسطين تنعى الى أبناء امتنا الإسلامية جمعاء وشعبنا الفلسطينيّ في مختلف أماكن وجوده ببالغ الحزن ‏والأسى وبقلوب مؤمنة خاشعة لقضاء الله وقدره ‏فضيلة الأستاذ الدّكتور عبد المعزّ حريز  أحد ابرز علماء فلسطين وعلماء الأمة الإسلامية، وأحد أبرز مؤسسي هيئة علماء فلسطين من لحظاتِها الأولى ‏حيثُ كانت فكرةً يتداولُها ثلّةٌ من علماء فلسطين لتغدو بعد ذلك مؤسسة لها اسمها وحضورها، وأستاذ أصول الفقه ‏في الجامعة الأردنية، وأحد أبرز  رموز العمل الإسلامي الفلسطينيّ” .
وأضافت أن الفقيد الراحل انتقل الى رحمة الله  ” عقب حياة حافلةٍ ‏بالعلم والعطاء في مجالات التعليم الشّرعي والدّعوة الى الله تعالى، وكان صاحبَ ريادةٍ وسبقٍ في خدمة قضايا الأمة، ‏كما وقفَ نفسَه على خدمة قضيّة فلسطين المباركة”.وأبرقت الهيئة  بالعزاء في وفاته إلى “امتنا الإسلامية وشعبنا الفلسطيني وأهل الدّكتور الرّاحل ‏وطلابه وإخوانه بهذا الفقد الموجع، ولا نقول إلّا ما يرضي ربّنا، وانا على فراقكَ يا أخانا الحبيب لمحزنون.”‏
وقد نعاه الأكاديمي الكويتي د. محمد العنّ عند علمه بوفاته قائلا : ( وصلنا خبر وفاة العالم الأصولي عبد المعز حريز – رحمه الله وغفر الله له – .. لا اعتراض على قدر الله.. لكن وفاة العلماء ثلمة وأي ثلمة.. فهم القائمون على حدود الله المحافظون على سياج الشريعة الذابون عن حرمتها”.
أما د.عبدالرحمن الخراز أستاذ الفقه وأصوله وأحد تلامذته فنعاه قائلا “انتقل لرحمة الله تعالى أحد علماء الأردن وعالم من علماء الأصول، فضيلة الشيخ عبد المعز حريز، الدكتور في الجامعة الأردنية، وقد درَّسنا في مرحلة الدكتوراة، فلنعم المعلم ولنعم المربي، صاحبُ خلقٍ وابتسامة، متواضع لا يَرُدُ من طَلَبه، مؤصل يُحْسِنُ عرض المسائل، رحمه الله وغفر له، وعظم الله أجر محبيه.”.
وقالت  د. رانيا صوالحي  معزية بوفاته “عظم الله أجرنا بوفاة العلامة الأستاذ الدكتور عبد المعز حريز … اليوم أفقد أبي الثاني – الله يرحمهم ويتقبلهم ويرفع درجتهم –  ويصبر أهله ومحبيه وتلامذته وجميع من علمنا .. أعجز عن وصف دعمه وما علمني … وتشجيعه الدائم والنموذج التربوي المتفرد.. إنا لله وإنا إليه راجعون”.

كما نعاه العديد من علماء فلسطين والأردن والكويت، مُثْنيينَ على جهوده في تبسيط علم أصول الفقه لطلاب العلم والدارسين والباحثين.

ورثاه الشاعر  محمود  طه بهذه الأبيات  :

عَبدَ المُعِزِّ سَلاماً أيها العَلَمُ                                   يا مَنْ بِفقدكَ نَجمٌ شَفَّهُ الألمُ
“الخيلُ والليلُ والبيْداءُ تعرفكُمْ                        والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ”
لي فيكَ يا كوْكباً أيامُ خاليةٍ                               فيها النَّداوةُ فيها السَّعْدُ والشَّمَمُ
قد كنتَ فينا أنيساً في مَجالِسنا                        مِنْ بحرِ عِلمكَ غَرْفاً والعطا دِيَمُ
للهِ دَرُّكَ كنتَ الغيمَ مُمْتَلِئا                                   مِنَ المعارفِ والأرواحِ تلتَئِمُ
يا صاحبَ الثَّغْرِ حتَّى في مَعارِكِهِ                         فالرأيُ عندكمو والثغرُ مُبتَسِمُ
كمْ لُجَّةٍ خُضتَ منصوراً وهامَتُكُمْ                     تأبى الخضوعَ تنادي القومَ لا تَنمُوا
في بحركَ الزَّاخِرِ أصْدافٌ ولُؤْلُؤُهُ                        زَبَرْجَدِيُّ الهوى والعزمُ والقِدمُ
مهما ذكرتكَ لنْ أُوفي بِحَقِّكِمُ                              فالصدقُ عُرْفٌ مُروءاتٌ هي الشِّيمُ
أبكيتني أيها القاضي فواأسفا                           وتاهتِ الناسُ أينَ الفارسُ الحَكَمُ
وعَهْدُنا بِكَ أنَّ القدسَ مَوْعِدُنا                           يا صاحبَ الهَمِّ إنَّ الصُّبحَ مُبْتَسِمُ
فارقدْ رعاكَ الذي لمْ تَخْلُ رحمتُهُ                     مِنْ عاجلِ النَّصْرِ فالأعداءُ تَنْهَدِمُ
يا بارئ الكونِ قدْ حَلَّتْ بِساحَتِكُمْ                     نَفْسٌ تُحِبُّ اللقا فالجُودُ والكرمُ
ونحنُ نشهدُ يا ربي على خُلُقٍ                               فيهِ العفافُ وفيهِ الهَمُّ والهِمَمُ
فارحمْ عُبَيْدَكَ في فِردوسِ جنَّتكُمْ                     وارْحمْ أخِلاَّءَهُ قدْ أصْبحُوا يُتُمُ

وفي الختام:

أيها الجبل الأشم …. سلامٌ عليك… وأنت ترقد فوق ثرى الأردن – توأمُ فلسطين … التي ثوى فيها رفاتُك.. والتي لم تذلَ يوما لطاغية محتلٍ دخيلٍ … ارتفَعتَ إلى العُلا، وأنت منتصبُ القامةِ مرفوعُ الهامة…. سلامٌ عليك إذ التحقت بالملأ الأعلى، وصَعَدتَ على أجنحةِ الشوق إليه- سبحانه – تاركاً للحياة عبيرَ رجلٍ صادقٍ حر ٍ نزيه مقدام … عبيرَ رجلٍ أمينٍ على كل ما للأمة وفلسطين من ذمة وعهد وميثاق، فحجزتَ لك – بإذن الله – مكانا في عليين إذ كنت على وعدٍ هناك مع النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه- عليهم الرضوان- ومع ثلة مجيدة من الشهداء والأبرار وحسنَ أولئك رفيقا.   ‏

اللهم … يا من جمعتنا معه في الدنيا على طاعتك ……….اجمعنا معه في جنتك دار السلام على منابر من نور متحابين متقابلين …   سلام عليك أبا أنس   … سلام عليك في الأولين… وسلام عليك في الآخرين… وسلام عليك في الملأ الأعلى إلى يوم الدين.

د. حافظ الكرميّ

عضو المكتب التنفيذي والناطق الإعلامي  (هيئة علماء فلسطين)

العاشر من كانون أول 2021 م

الموافق الخامس من شهر جمادى الأولى 1443هـ